[جديد][headercarousel]
الخميس، 19 مارس 2020

الحلم (قصيدة)

الحلم (قصيدة): pالحُلم تلكَ الحياةُ بنا كالغيثِ تنهالُ والأرضُ في شِقِّها حُلمٌ وآمالُ واليأسُ إنْ نبتتْ بالقلبِ أفرعهُ لا يرتوي أبدًا في الحالِ يُغتالُ إنَّ الجمال بقلبِ المرءِ يَدفعهُ إلى ارتقاءِ العُلا والناسُ أمثالُ لا يحملُ الحُلمَ من في طبعهِ كسلٌ القولُ صفرٌ إذا لم تُؤت أفعال ما بالُ قومٍ إذا قُضتْ مَضَاجِعَهم من أجلِ أحلامِهم ناموا ولا زالوا كيف العزائمُ تفنى فيك�%...
الخميس، 31 مايو 2018

لا تخرج قبل أن تقول: سبحان الله






رجلٌ أمريكي - في العقد السابع من عمره - تعرَّض لحادث ونُقِل على أَثَره إلى أقرب مستشفى، لم يكن بحوزته ما يُثبِتُ شخصيَّته، على سرير المستشفى والأجهزة والخراطيم تحُوطُه من كل جنب، أفاق لدقائق ونطَقَ كلماتٍ باللغة العربية، وبعدها فاَرق الحياة، جهاز رسم القلب المجاور له لم يُعْطِ الخطَّ الأخضر المعتاد، بل ظهرت على الشاشة الخطوطُ في تعرُّجات غريبة، وكأنها جملةٌ بلُغةٍ غريبة أيضًا، أحد العاملين بالمستشفى كانت له دِراية باللغة العربية، قرأها لهم، وكانت واضحةً بلون أخضر مبين: "لا إله إلا الله".قصةٌ تأسِر القلوب وتُرقِّقها، أليس كذلك؟ وتزيد المؤمن إيمانًا، وتُقيم على الكافر حـُجَّةً وبيانًا، لكن هذه الحبكة صِيغت في أحد منتديات الملحدين منذ سنوات عديدة، راقبتُها بعيني في مراحل سَبْكها، وتابعت حوارهم حولها، حتى ألقى هؤلاء تلك القصة المختلقة للسُّذَّج - على حدِّ وصْفِهم - في مواقع التواصُل الاجتماعي والمنتديات وغيرها، ومنهم مَنْ تَطوَّع وصمَّم فيديو مدعومًا بصور تزيد السَّرْدَ إبهارًا، وطبقًا لإحصاءات المنتدى، فقد تابعها وشاركها وعلَّق عليها في أول 48 ساعة، ما يقرُب من 2 مليون شخص مشدوهين، مُكبِّرين، مُسبِّحين، وحامدين اللهَ على نعمة الإسلام، هناك على الطرف الآخر من يُقهقه، ويُفكِّر في تَكرار مُتعته هذه، فيَحْبُك غيرها وهكذا.
أرسل لي أحد الأصدقاء منذ أيام إشارةً على موقع الفيس بوك لمشاهدة فيديو من هذه النوعية؛ إذ يدور فيه النمل عكس عقارب الساعة حول تليفون محمول تنبعث منه نغمة "لبيك اللهم لبَّيك"، مشهد مهيب، ولكني تعلَّمْتُ الدرس جيدًا، فجُلُّ ما يتناقله الناس على مواقع التواصل من فيديوهات وصور، أجد لها في الكواليس قصةً مغايرةً، فقمتُ بالبحث عن الفيديو على موقع اليوتيوب، وعلمتُ أن الأمر يتعلَّق بظواهر تخصُّ حياة النمل، لا علاقة لها بسماعه للنغمات.
رحم الله العقَّاد صاحب كتاب "التفكير فريضة إسلامية" حين قال: يكفينا عبادةُ التفكُّر في خلق الله لنقول: سبحان الله في كل وقت، وفي كل مكان.
والإسلام يحثُّنا أن نستعمل عقولنا بكامل طاقتها، وألا نُعطِّلَها حتى نُغربل ما يدخلها ويستقرُّ فيها في وقت طفَت فيه الأكاذيبُ في عالم الإنترنت، بهدف جمع المتابعين فقط دون تدقيقٍ في المحتوى.
قد يَحرمك حديثي هذا من مُتعة تلقِّي الخُرافات والغوص فيها، ومَصمصة الشفاه تأثُّرًا، كما قال القاصُّ الفرنسي جان دي موباسان: "يبكي أحدُنا أحيانًا على فِقدان أوهامه بنفس الحُرقة التي يبكي فيها على فِقدان حبيب"؛ لكن ما أكثرَ الفَسَقةَ صُنَّاعَ الوَهْم في شبكات التواصل! وأنا لا أطلب منكم إلا الأمر القرآني الكريم ﴿ فَتَبَيَّنُوا ﴾ [النساء: 94] قبل أن تُشاركوا هذه النوعية من المنشورات الماكرة.
x

الأربعاء، 14 فبراير 2018

قصة بمناسبة 14 فبراير



- يا دكتر انا نفسي اتخلص من مشكلة مضايقاني أوي

+ اتفضلي علي الشزلونج .. وأحكي

- الحكايه وما فيها اني .. مدمنة

+ ها ومن أمتي ؟

- من أول ما دخلت المعهد

+ اه . والسبب صديقات السوء طبعاً

- يعني .. بس نفسي أبطل بصراحه

+ جميل .. مدمنة أي نوع ؟- مكسوفة والله يادكتور

+ لا حياء في العلم .

- بجد

+ طبعا ولازم تفضفضي عشان أعرف أعالجك

- طيب ريحتني

+ ها قولي مدمنة أي نوع من المخدرات

- لا استغفر الله. .مش مخدرات

+ امال ايه ؟!!

- بصراحة أنا مدمنة الكلام مع .. مع

+ مفهوم - في التلفون والشات وبس والمصحف

+ أه- وف حدود الأدب والله

+ أ مممممممم

- انا وحشه. .صح ؟

+ لا ما اقصدش. . الطبيعي انك تحتاجي حد يحبك و تنعمي معه بدفء المشاعر و. ...

- اصلو يا دكتر ماهو ..مش حد واحد دول.. دول .. عشره

+ نعم ... عشره. .عشره ازاي ؟

- يعني أنا بكلم عشر شباب وكلهم ببتصلوا بيا

+ أمتي بالظبط ؟ يعني بتلاقي وقت ازاي ؟

- كل يوم و طول اليوم

+ ازاي و فين ؟

- سواء في السكن أو المعهد التلفون مش بيفارقني بحشره هنا بين ودني والتحجيبه

+ طيب الموضوع بسيط

- الله يطمنك يا دكتر

+ بس انتي هتساعديني

- اه طبعا اومال انا جايه هنا ليه

اولا .. ارمي الشريحة اللي معاكي

- للأسف ..عملت كده 3 مرات

+ ها.. وايه اللي حصل؟

- كلهم رجعوا يكلموني تاني

+ ازاي وانتي رميتي الخط؟- ما هو ..... أصل ....

+ مالك مترددة ليه ..قولي

- اصلي بصراحه انا حافظه كل ارقامهم.

+ نعم ياختي !!!

- اه والنعمه يادكتر ضعفت ف رنيت عليهم كلهم.

+ كلهم ؟!!

- اه كلهم عشان محدش يزعل

+ لا اصيله

- ايه الحل يادكتر؟

+ لا بسيطه. .انتي قلتي هما كام ؟

- عشره

+ عندك مانع يبقوا 11 ؟

- لا يا حبيبي .. مليني رقمك يلا ..


:)
الأربعاء، 31 يناير 2018

مجرد تفاصيل ..

مجرد تفاصيل..


كونك شخصًا لا يهتمُّ بالتفاصيل، ربما لا يعني لك هذا المقال شيئًا، لكن لو أكملتَ قراءته قد يـُوقظك؛ فتسعد أكثر بنعمٍ من الله تُغلِّفُ حياتك وأنت تستصغرها، أردتُ أن أنتبه إلى بعض التفاصيل الصغيرة في حياتي، أشياء أَدِينُ لها بالفضل، فكثيرًا ما تغفل حين تحوطك أمورٌ متناهية في الصِّغَر هي في مجملها أنت، أمورٌ صغيرة لكنها عظيمة الوظيفة؛ كالنواة التي تسند الزير.

تذكَّر أثناء ضغوطات اليوم الابتسامةَ التي مَنَحَكَ إياها طفل صغير في الصباح، تعامَلْ معها كطاقة مستمرَّة، وليست موقفًا عابرًا، دعاء العجوز التي ساعَدتَها في عبور الشارع المزدحم، اكتبه على قصاصة صغيرة وضَعْها أمامك، هدية بسيطة أهداها لك أحد محبِّيك، أوجِدْ لها مكانًا على سطح مكتبك.

الكلمة الحلوة التي تكتبها كقطعة الحلوى التي تذوب في فم غيرك، ومِن فرط سعادتك بمتعته تحمَد الله أنَّك كتبتها، القلم الذي كتب نعمةً تستحقُّ الثناء، امتدَح السابقون القلمَ والمحبرة والوَرَق والخطوط، قالوا عن الأقلام: إنها مطايا الأذهان، ومن عجيب شأنها أنها تغرق في ظلمة الحِبْر وتلفظ نورًا، تلك التفاصيل ليست جماداتٍ، فأنا أزعم أنَّ الأقلام تشتاق للمحابر، والأنامل تتوق إلى الأقلام، والعيون تتلهَّف للخطوط.

لا أخفي عليكم، فحالتي النفسية - قبل تقنية الكتابة الحاسوبية - كانت تصل ليدي؛ فأصابعي التي تُفشي السرَّ لقلمي؛ إذ يمكنك بيسرٍ أنْ تعرف ما أشعر به مِن نظرةٍ عابرة لخطِّي؛ فالرقعة - الذي يتعذَّر عليك قراءته - ينُمُّ عن مزاجي السيئ، أو ربما عدم قناعة بما أكتب، أو ملل الكتابة الوظيفية الروتينية، والنَّسْخ المنمَّق يخبرك بحالةٍ نفسيَّة ممتازة.

منذ أنْ هجرت القلم والورقة في الكتابة وأنا أتنقَّل هائمًا في كلِّ مرة بين خطوط برامج النصوص، حتى وجدته، إنه Arabic Typesetting، أعجبتني تموجاتُه، فأنا لا أحبُّ الخطوط الحادَّة التي تعكِس الأشكالَ الهندسية المماثلة لها؛ كالمثلَّث والمعيَّن، أما شغفي: فبالدوائر، بالانسيابية، بالسلاسة، باللطف.

لا أبالغ إنْ أخبرتكم أنَّ نوع الخط يعالج أحيانًا حالة التوقُّف عن الكتابة عندي التي غالبًا يصاحبها بعض الاكتئاب والكآبة، حين أضغط بأناملي أزرار اللوحة، تنبثق الحروف من العدم، وتتراص على الصفحة البيضاء وكأنها نوتة لموسيقا صوفيَّةٍ رقراقه تتشكَّل ذاتيًّا، أو كنغمات تتصاعد من فـوهة ناي، وتلتصق بزرقة السماء، يستدرجني كثيرًا لأستخدمه دون غيره في شِعري وفي نثري، وكأنه حبيبةٌ تَغَار، يتشكَّل أحيانًا في صورةِ صَدِيق مخلص يجاورني ويهمس لي بالفكرة تِلو الأخرى، وتارة أفتقده فأفتح وعاءَ الكتابة الإلكتروني، وأكتب لأُملي عيني به قليلًا، فيصير هو المتن، والأفكار هوامش، أعشقه كثيرًا؛ لكن لم أتصوَّر يومًا أنْ أنقش بياض صفحتي اليوم بتغَزُّلٍ فيه.


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/literature_language/0/123711/#ixzz55mm7YtAG

أهل كانون

أهل كانون


لا أعرف لماذا يُفضِّل عدد غفيرٌ من الأدباء والشعراء استخدامَ أسماءِ الشهور السيريانيَّة في أعمالهم الأدبيَّة؟
ربما في الشِّعر ضرورةُ الوزن هي السبب أو المعنى الذي يحمله، المهم أني صرتُ كقارئٍ أستلذُّ نُطقَ (تموز) و(نيسان) أكثرَ من يوليو وأبريل؛ لذا أكتبُ اليوم لكم عن نموذج من أهل كانون الثاني، وهو يقابل في الشهور الميلاديَّة شهر يناير، الشهر الذي وُلدتُ فيه.

عرفتُ صغيرًا ببيتِ جدي أنَّ الكانون هو موقد النار، كانتْ مهمَّتي أن آتي لجدَّتي بالبوص والحطب؛ لتحافظَ على نشاط النار أسفل قُدور الطعام، كلمة تفتح الشهيَّة، وتبعث على الدفء، ويقال: إنَّ اسمَ (كانون) مُشتقٌّ من الثبات والاستقرار في اللغة السيريانيَّة، ويرى البعض أنَّ (كانون) كلمةٌ يابانيَّة تعني: الشتاء.

والمعروف أنَّ شهر (كانون) مِن شُهور فصل الشتاء، الذي أُفضِّله على حرِّ الصيف، ربما لأني قدِمْتُ إليه مِن رَحِمِ أمِّي، فدثَّروني بتلافيفَ كثيفةٍ، فَذُقتُ بسببه معنى الدِّفء، وربما يُعزى لذلك عشقًا وجدته في صدري للغيوم وللمطر!

الفضول والتحدِّي وربما الجنون قادني ذات مرَّة إلى أن أخرجَ خصيصى بدراجتي الناريَّة مسرعًا على الأسفلت في يومٍ شديدِ المطر، الشتاء لم يقلقني صغيرًا؛ إذ تغلَّبت عليه بالمدفأة، بحكايات جدَّتي، وبالتكوُّر في حجرها، وكبيرًا لا يؤرِّقني الشتاء ولا الصقيع طالما وُجِدَ الشِّعْر والحب.

تَبدَّلت الأفكار عبر سنوات عمري الفائت طبقًا للمُعطيات، وللأصدقاء، وللقراءات، والبحث عن الحقِّ والحقيقة، انضممت لطرقٍ صوفيَّة، وحفظت أشعارَهم وأورادهم، وواظَبْت على أذكارهم، ثمَّ تأثَّرت بالسلفيِّين وحججِهم، ثم انبهرتُ بتيارِ الإسلام السياسيِّ ومشروعهم، ثم تركت الجميعَ!

التنقُّل والتغيير طبيعيٌّ، فهو تابعٌ لتغيُّر القناعات، والآن بعد كلِّ هذه التجارب تغيَّر العمر، وتبدَّلت الأحداث، وتوصلتُ إلى أنني مستمرٌّ في المُضيِّ قدمًا خَلْف قناعاتي التى تقول حاليًّا: إنه من العبث أن تتبع أحدًا ما أو طائفة ما؛ فالجميع لديه أخطاء، ويكفيني ما أحمله على مستوى الفرد.

كلما لاح وبدا ظل الأربعين في الاقتراب مني رأيتُ نفسي أكثر، وأدركت صفاتها وتفاصيلَها، لمستُ الثابت فيها والمتغيِّر، تقبَّلتُ أصدقائي، وتعايشتُ معهم، تحمَّلوا مني عصبيةَ الشباب، وقبلوا فيَّ عيوبًا، وقبلتُ منهم، أُسكن صادقَهم سويداءَ القلب، وأحذر كاذبهم، العمرُ صار أقصر، والثواني صارت أغلى، فلن أُكرِّر في عقدي الخامس تجاربَ الماضي بنفس الخطوات؛ لمعرفتي بنتائجها مسبقًا.

أرفضُ أن تسجنني العاداتُ والتقاليد والأمور الاجتماعيَّة المملَّة، أصبر عليها أحيانًا؛ لأني أشعر أنَّ بداخلي حُلمًا غامضًا لا أُدرك كُنْهَه، ولا أعرف تفاصيله، بل أنتظره وفقط، لا شكَّ في كوني مستقلًّا حرًّا عصبيًّا قليًلا، إلا أنَّ الخجل والجرأة متجاوران داخلي بنَفْس الحجم، ولكن لا أعلم متى وكيف يظهر كلٌّ منهما؟ لم أعِ ضوابطَ لهما، فتارةً خجول لا أقوى على الحديث، وتارةً أخرى أجدني جريئًا حدَّ التهوُّر.

بعد المعايشة مع أحدٍ ما، أملك قدرةً لتوقُّع تصرفاتِه المستقبليَّة، فيصيبني الفتور من الأفعال وردودها، أرى دومًا أننا بحاجةٍ لتغيير جذريٍّ، أعشق مَن يفهمني ويتفهَّمني دون تصريح، أعلم أنَّ هناك خيرًا ما بكلِّ مَن حولي، أجتهد بالبحث عنه، وأدرك تمامًا أنَّ لأغلب ما يحكيه الناسُ عن الناس صدقًا يسيرًا وزيفًا كثيرًا؛ لذا أُعمِل عقلي جيدًا فيما يحكَى لي؛ كي لا أسرع في إصدار أحكام، فالدنيا خدعتني قديمًا، حيث كنت شاباً ليِّناً، لم تنضج أحكامي بعد، تركتها بعد أن أنجبت لي بعض الهموم.

أشد ما أكره أن تُفتح مشكلة ما عدَّة مرَّات، بعدما ظننتُ أني أغلقتُها بإحكامٍ، لا أنسى الإساءةَ، لكن أحبُّ التعاتب، وأملك قدرةً على الصفح والمسامحة، وأسعى لذلك، لا أحب أن أستهلك وقتي في صراعاتٍ ومشاكل، وأعلم أنَّ الزمن يدور دورتَه على الجميع بكلِّ حيدةٍ، فمَن أذاق غيرَه المُرَّ حتمًا سيذوقه ذات يوم، حين ينتقدني الأحبَّة بما ليس فيَّ يُصيبني الغمُّ وأعتزلهم وأنتقدهم في نفسي بما هو فيهم، حتى أتمكَّنَ مِن تجاوُز الموقف.

أملك ذاكرةً تضعني في حرَجٍ شديد كل يوم؛ لا أحفظ الأسماء، وأرتبك حين ألتقي أشخاصًا أعرفهم جيدًا؛ لأن أشكالَهم محفورةٌ داخلي، ولكنَّ أسماءهم تُراوغني دومًا، وتهرب من بين خلايا المخ، كذلك لا يثبت في ذاكرتي كلُّ ما هو تافهٌ بظنِّي، أو يمكن الاعتماد فيه على غيري.

رغم أنَّ هناك مَن يتحامق في هذه السن وبعدها فإن أحد المفكِّرين ذَهَب أنَّ كلَّ ما جرى قبل الأربعين لا يعدو مجرَّد أبحاث وتجارب، إذ يُشرق الاستقرار في هذا العمر، وتصبح الحكمة مطلبًا للرجال، فتطفو على الفم، وتظلِّل الأفعال، عمرٌ يعيد فيه الإنسان جردَ ماضيه، قد يستحسن ما استقبحه، ويستنكر ما استحسنه، يبتسم لأمرٍ أحزَنَه في الماضي، ويحزن لفعل أبهَجَه، تتغيَّر بعضُ مفاهيمه، نظرته، ونظرياته أيضًا.

رغم الاستقرار فإنها مرحلة تتداخل فيها الخيارات بشكلٍ مربكٍ، قديمًا كانت الأمور تُقسم بِيُسر إلى سيئ وحسن، ولكن مع الرشد تتشكَّل الأمور لتخيِّرُك ما بين السيئ والأسوأ، وبين الحسن والأحسن أمر يتطلَّب تفكيرًا ومشورةً، وتأنِّيًا لا تهوُّرًا.

تتساوى الأعمار إن لم تفعلْ شيئًا يخدم الإنسان، فمَن مات في الأربعين كمَن مات في الخمسين أو الستين، مرَّت السنون، وأتممت اليوم العشرة الرابعة، عمرٌ له وقفةٌ وتساؤلات حيَّة لم تُفلح الأيام التي مرَّت أن تخمدها بإجابات قاطعةٍ أهمُّها: ماذا قدمت؟ وماذا سأقدِّم فيما يأتي؟


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/culture/0/125140/#ixzz55mS8kJCQ